بيان ان وجوب التوبة عام فى كل الاشخاص فلا ينفك عنه احد البتة

بيان أن وجوب التوبة عام في الأشخاص والأحوال فلا ينفك عنه أحد البتة اعلم أن ظاهر الكتاب قد دل على هذا إذ قال تعالى : ﴿ وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ﴾ (النور : 31) فعمم الخطاب ، ونور البصيرة أيضا يرشد إليه ، إذ معنى التوبة الرجوع عن الطريق المبعد عن الله المقرب إلى الشيطان ، ولا يتصور ذلك إلا من عاقل ، ولا تكمل غريزة العقل إلا بعد كمال غريزة الشهوة والغضب وسائر الصفات المذمومة التي هي وسائل الشيطان إلى إغواء الإنسان . إذ كمال العقل إنما يكون عند مقاربة الأربعين ، وأصله إنما يتم عند مراهقة البلوغ ، ومباديه تظهر بعد سبع سنين ، والشهوات جنود الشيطان ، والعقول جنود الملائكة ، فإذا اجتمعا قام القتال بينهما بالضرورة ، إذ لا يثبت أحدهما للآخر لأنهما ضدان ، فالتطارد بينهما كالتطارد بين الليل والنهار والنور والظلمة ، ومهما غلب أحدهما أزعج الآخر بالضرورة ، وإذا كانت الشهوات تكمل في الصبا والشباب قبل كمال العقل فقد سبق جند الشيطان واستولى على المكان ووقع للقلب به أنس وإلف لا محالة مقتضيات الشهوات بالعادة وغلب ذلك عليه ويعسر عليه النزوع عنه ، ثم يلوح العقل الذي هو حزب الله ...